الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات القلم الحر: شيخ اﻷزهر رفض توبة إبليس فهل يرفضها التونسيون اﻵن؟

نشر في  20 أفريل 2016  (11:10)

بقلم: عفيف البوني


أتذكر أنني قد قرأت سابقا للفيلسوف السوري الصديق صادق جلال العظم والذي حوكم في لبنان عام 1969 عن كتابه «نقد الفكر الديني» ما نقله في ذلك الكتاب عن قصة لتوفيق الحكيم بعنوان «الشهيد» وبطلها «إبليس» ومضمونها، أن إبليس أو الشيطان، (وله اسمان في القرآن، وقد ورد ذكرهما في القرآن 99مرة)، أنه قد تعب من كثرة إغواءاته للبشر ومن غضب الله عليه، فذهب إلى أهم مرجع في اﻹسلام السني المعاصر، أي شيخ اﻷزهر وطلب منه قبول توبته أي إشهاده عليه أنه دخل اﻹسلام.
فكر الشيخ، ولم يتسرع، فكل رجال الدين أذكياء ويعرفون تلقائية وبساطة عقول المسلمين، ثم أدرك الشيخ أنه أمام طلب غير مسبوق في التاريخ، فإن قبل أسلمة أو إسلام إبليس أي الشيطان ، فمعناه أن كل المسلمين  من اﻵن فصاعدا سيكونون بلا معاصي  وبلا أخطاء وكلهم في الجنة وستبقى جهنّم خالية إﻻ من السابقين على حصول هذه التوبة، ثم تساءل الشيخ أنّه لو قبل التوبة، كيف يفعل في خطبته باﻷزهر، هل سيأتي على ذكر اﻵيات واﻷحاديث التي تذكر أو تلعن الشيطان  أي إبليس؟ ثم ماذا سيفعل بالتعويذة (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم). أدرك الشيخ أنه أمام أمر جد خطير على شخصه وعلى المسلمين وقرر أن ﻻ يتورط في حماقة عواقبها وخيمة من نمط إدخال إبليس في اﻹسلام وقد غضب الله عليه وهكذا رفض قبول توبته ورأى في ذلك مصلحة للدين وللمسلمين ولرجال الدين ولشخصه، فإن قبل توبته لن تحصل بعد ذلك المخالفات والجنح والجرائم ولن يكون هناك قضاء وﻻمحاكم وﻻ سجون وﻻ شرطة وﻻ حتى حاجة لحكومة، فالشر سينتهي والخير سيعم الجميع...

إنّ أخطر ما خشي عليه شيخ اﻷزهر هو خسارته لوظيفته التي تحتاجها المؤسسة الدينية والدولة غير المدنية ويحتاجه المسلمون البسطاء للفتوى والرسميون لتزكية ما لم يقدروا على تمريره لذلك قرر الشيخ أن كل الأمور ﻻ يمكن أن تستمر أو تستقر، إﻻ ببقاء القرآن والسنة والعادات والاعتقادات المقدسة أو الموروثة كما هي دون تحريف أو تغيير، بمعنى: يجب أن يبقى الشيطان أو إبليس بلا توبة خارج اﻹسلام حتى يبقى اﻹسلام وتبقى التعويذة والتنعيلة، وهذا جد مفيد للكثيرين خصوصا رجال الدين ولرجال السياسة المتواطئين معهم، وبلغة اليوم حتى يبقى اﻹسلام السياسي (المصنع) بريطانياً منذ حسن البنّا (1928) ثم أمريكيا وعلى الصعيد الرسمي في منطقتنا العربية اﻹسلامية منذ قيام منظمة المؤتمر اﻹسلامي عام 1969 فرئاسة دولة العلم واﻹيمان في مصر من قبل السادات وإطلاقه بقوة لنشاط  اﻹخوان المسلمين غير المسالمين، مروراً بما حصل في تجربة أفغانستان  مع بن ﻻدن  ثم القاعدة فالدواعش  ثم الإرهاب في كل مكان..

خشي شيخ اﻷزهر على منصبه حسب فهمي لقصة توفيق الحكيم لأنه رأى أنه مسؤول فقط عن نفسه، وعن وظيفته التي يمكن أن يفقدها إن أدخل إبليس إلى اﻹسلام، ورأى أن بقاء اﻹسلام يحصل ببقاء إبليس أو الشيطان خارج اﻻسلام، وذلك يضمن بقاء شيخ اﻷزهر في مشيخته، وعلى الله أن يتصرف بقدرته  مع الشيطان /إبليس  فهو من خلقه واﻷقدر على أسلمته أو على تخليص البشر منه وﻻ حاجة بعد ذلك ﻻ لجهنم وﻻ لمصطلح الكفر والزندقة والشرك والهرطقة والإلحاد.
لقد نقلت ببعض التصرف ما جاء في قصة توفيق الحكيم والسؤال الذي أطرحه اليوم في بلادنا: هل أن الشياطين تنشط ولم تفكر بعد في التوبة بحيث تستمر الأزمة في التفاقم في كل الميادين؟ أم أن الشيوخ عندنا قد رفضوا توبة الشياطين؟